الافتاء - شرعنة القنابس غير الطّبي كبيرة شرعية جريمة أخلاقية وإفساد في الأرض
WAZCAM, تم النشر 2021/07/16 10:02
أ . د . مشهور فوّاز رئيس المجلس الإسلامي :
" شرعنة القنابس - غير الطّبي - كبيرة شرعية وجريمة أخلاقية وإفساد في الأرض "
القنابس نوع من المخدرات وهي محرمة بكل أنواعها بما في ذلك الحشيش والأفيون والكوكايين والمورفين والقنابس وغير ذلك ، لوجوه عديدة ، منها :
1- أنها تغيّب العقل وتخامره ، أي تغطيه ، وكلّ ما كان كذلك فهو حرام ؛ لما جاء في الحديث : ( كل مسكر خمر ، وكل مسكر حرام ) ؛ ولا شك أنّ المخدرات تخامر العقل وتغيبه .
قال الحافظ ابن حجر : " واستُدل بمطلق قوله : (كل مسكر حرام) على تحريم ما يسكر ولو لم يكن شرابا ، فيدخل في ذلك الحشيشة وغيرها ) .
2 . كذلك ثبت في الحديث النّهي عن كل مسكر ومفتّر .
قَالَ الْخَطَّابِيُّ : " الْمُفْتِر كُلّ شَرَاب يُورِث الْفُتُور وَالرَّخْوَة فِي الأَعْضَاء وَالْخَدَرَ فِي الأَطْرَاف وَهُوَ مُقَدِّمَة السُّكْر , وَنَهَى عَنْ شُرْبه لِئَلا يَكُون ذَرِيعَة إِلَى السُّكْر " .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : " وكل ما يغيب العقل فإنه حرام وإن لم تحصل به نشوة ولا طرب ، فإن تغييب العقل حرام بإجماع المسلمين وذهب المحققون إلى اعتبار الحشيش من المسكرات لما يترتب عليها من الفتور وفساد المزاج والعقل " .
والأشدّ جُرْماً من شرب القنابس هو من يسعى لشرعنته وإباحته ذلك أنّ إباحة المعصية أشدّ من فعلها .
كما أنّه إضافة لما ثبت في النّصوص الشّرعية من تحريم قاطع للمخدرات ومنه القنابس فإنّ هنالك حِكَماً تربوية وإجتماعية وصحية ؛ من ذلك :
أ . لما فيها من الأضرار العظيمة وقد جاء في الحديث ( لا ضرر ولا ضرار ) .
ففي المخدرات والقنابس ضرر بالشخص ذاته ، وبأسرته وأولاده ، وبمجتمعه وأمته بل هي سبب رئيسي لانتشار جرائم العنف في المجتمعات .
وقد ذكر أ . د . وهبة الزحيلي في كتابه القيّم الفقه الإسلامي وأدلته أضراراً جسيمة بسبب استعمال المخدرات ؛ على المستوى الشخصي والعام .
أما الضرر الشخصي : فهو التأثير الفادح في الجسد والعقل معا ؛ لما في المسكر والمخدرات من تخريب وتدمير الصحة والأعصاب والعقل والفكر ومختلف أعضاء جهاز الهضم وغير ذلك من المضار والمفاسد التي تفتك بالبدن كله .
بل إنّ القنابس تهدر الكرامة الإنسانية حيث تهتز شخصية الإنسان ويصبح موضع الهزء والسخرية وفريسة الأمراض المتعددة .
وأما على المستوى العائلي : فهو ما يلحق بالزوجة والأولاد إساءات بليغة بحيث ينقلب البيت جحيماً لا يطاق من جراء التوترات العصبية والهيجان والسبّ والشتم وترداد عبارات الطلاق والحرام ، والتكسير والإرباك ، وإهمال الزوجة والتقصير في الإنفاق على المنزل ، وقد تؤدي المسكرات والمخدرات إلى إنجاب أولاد معاقين متخلفين عقليا . . .
هذا فضلا عما يؤدّي إليه السكر أو التخدير من ارتكاب الجرائم على الأشخاص والأموال والأعراض ، بل إنّ ضرر المخدرات أشد من ضرر المسكرات ؛ لأن المخدرات تفسد القيم الخلقية "
والحاصل أن هذه المخدرات لا يستريب في حرمتها عاقل ، لدلالة النصوص على تحريمها ، ولما فيها من أضرار بالغة .
بيد أنّ هنالك استثناءً خاص بالنسبة لحالات مرضية خاصة :
حيث أنّه إذا دعت ضرورة كتألمٍ شديدٍ فوق القدرة وأكّد الطّبيب المسلم الثّقة انتفاء البدائل المباحة لتخفيف الألم الشّديد فلا مانع من الأخذ بقدر الحاجة بقصد التّداوي ودفع الأذى لا بقصد التّلذذ والنّشوة على أن يشتري ذلك من مكان طبي مختص كالصيدلية مثلاً وإذا وجد سائل فلا يجوز تناوله بواسطة التّدخين ويُمنعُ شرعاً التّجارة فيه .
وهذا ما جاء في مؤتمر الندوة الفقهية الطبية حيث جاء في قرارها : " المواد المخدِّرة محرَّمة لا يحل تناولها إلا لغرض المعالجة الطبية المتعينة ، وبالمقادير التي يحددها الأطباء " .
وختاماً فإنّ الأمانة الشّرعية والإنسانية والوطنية تحتّم أن يقوم كلّ فرد من خلال دائرة مسؤوليته لمنع إصدار هذا القانون الذي يبيح استعمال القنابس بشكل مطلق .
كما أتوجه لجميع رجال الدين من مختلف الطوائف والأديان بأن تتضافر جهودهم للوقوف في وجه هذا القانون الذي يتنافى مع كلّ القيم الدينية والاجتماعية والأخلاقية .