اغلاق

مرض غوشيه – صعب التشخيص سهل العلاج

Wazcam, تم النشر 2024/03/28 12:17

مرض غوشيه – صعب التشخيص سهل العلاج   هنالك أمراض معروفة لدى معظم الناس، لكن في بعض الأحيان هنالك أمراض أقل شيوعاً، لا يعرف الناس عنها، ولا يعرفون أعراضها، مما قد يؤدي إلى سنوات طويلة من المعاناة والإجراءات غير الضرورية. أحد هذه الأمراض هو مرض غوشيه، وهو مرض يمكن أن يسبب مشاكل طويلة الأمد إذا لم نكتشفه ونعالجه في الوقت المناسب. من أجل فهم المزيد عن المرض وأعراضه ومخاطره، أجرينا مقابلة مع مجدولين استيته (جولين)، باحثة في وحدة الغوشيه، من المركز الطبي شعاري تسيديك، أكبر وحدة في البلاد وفي العالم لهذا المرض.  

 

ما هو مرض غوشيه وكيف يحدث؟

مرض غوشيه هو مرض وراثي ويعرّف كمرض نادر يمكن أن يؤثر على أجزاء مختلفة من الجسم. إذا كان كلا الوالدين يحملان جين غوشيه (خلل جيناتي/طفرة)، فهناك خطر بنسبة 25٪ لإصابة أطفالهم بالمرض. ويسبب جين غوشيه في نقص إنزيم معين في الجسم، وظيفته تفكيك السكر الدهني في الدم، وعندما تكون هناك مشكلة في نشاط الإنزيم (لا يوجد إنزيم كافي في الجسم) فالمادة السكرية الدهنية لا تتفكك ومن ثم تتراكم في أجزاء مختلفة من الجسم مثل الطحال، والكبد، ونخاع العظام، والعظام.  

 

ما هي الأعراض الشائعة للمرض؟

تتعلق الأعراض الشائعة للمرض بالمكان الذي تتراكم فيه المادة السكرية الدهنية التي لم تتحلل، كما ذكرنا سابقاً: الطحال والكبد والعظام. يؤدي تضخم الطحال والكبد إلى انتفاخ البطن، مما قد يسبب بعدم الراحة وآلام غير محددة في البطن، وغالبًا ايضًا الى الشبع مبكرًا، على سبيل المثال: عندما يأتي طفل أو شخص بالغ إلى وحدة غوشيه، نسأله إذا كان يشعر بالشبع سريعاً عند البدء بتناول وجبة الطعام على الرغم من أنه تناول أقل من نصف الوجبة، وهذا يمكن ان يظهر أيضا بانخفاض وزن الجسم. وبالحديث عن الأطفال، فالأطفال لديهم أيضًا مشكلة قصر القامة، هذا الامر مثير للاهتمام، لأنه في بعض الأحيان يكون هذا هو العارض الوحيد الذي نراه عند الطفل ولا نرى أعراض أخرى، صادفنا مؤخراً حالة كهذه. تضخم الطحال يؤدي إلى انخفاض عدد الصفائح الدموية، ويظهر ذلك في الميل للنزيف من الأنف واللثة، وعلامات نزيف تحت الجلد (كدمات)، بالإضافة إلى إمكانية النزيف بعد عملية جراحية، أما لدى المرضى الأكثر خطورة نرى ذلك في فقر الدم الذي يسبب انخفاضا في الطاقة والشعور بالتعب والضعف، وقد يكون هذا الشعور موجود بشكل قوي، حتى لو لم يتواجد نقص في الهيموجلوبين (خلايا الدم الحمراء السليمة) لديهم. لدى المرضى الذين حالتهم أسوأ، نلاحظ أيضًا انخفاضًا في خلايا الدم البيضاء - مما يسبب التهابات متكررة، والعضو التالي الذي يشكّل مشكلة هو العظام، وألم العظام شائع جدًا في مرض غوشيه، وفي بعض الأحيان قد تكون هناك نوبة مفاجئة من الألم القوي والذي يكون عادة في الساق، أسفل أو أعلى الركبة، ولكن يمكن أن تكون أيضًا في أماكن أخرى من الجسم، هذه النوبة هي نوبة التهابية وغالبًا ما تكون مصحوبة بالتورم والحمى. المرضى الذين يعانون من آلام العظام عادة ما يكون لديهم أيضًا تضخم في الطحال والكبد واضطرابات الدم، ولكن لدينا أيضًا مرضى يعانون فقط من آلام العظام، من المهم الانتباه بأن غوشيه هو مرض متنوع جدًا في ظهوره وأعراضه، ويمكن أن تظهر الأعراض بشكل مختلف ومتنوع من مريض إلى آخر، حتى في نفس العائلة.  

 

 

هل يمكن أن يكون للمرض عواقب وخيمة وأضرار طويلة الأمد؟

قد يعاني مرضى غوشيه الذين لا يتم علاجهم من كسور متعددة وأحيانًا لا تلتئم هذه الكسور بسبب الأضرار التي لحقت بالعظام. أيضا التعب المتراكم والضعف العام وآلام العظام والنزيف المتكرر هي أيضًا ظواهر تضر بالحياة اليومية للمرضى وقد تسبب انخفاضًا كبيرًا في الأداء اليومي وضررًا دائمًا في الروتين اليومي.  

 

 

هل يمكن اعتبار هذا المرض بمرض صعب/خطير؟

هناك ثلاثة أنواع من المرض، الأول، الثاني والثالث. ما يميز النوع الأول هو عدم وجود إصابة عصبية (لا يتأثر جهاز الأعصاب) لذلك يعتبر مرض سهل، ونرى على الغالب العوارض التي ذكرت سابقاً. أغلب المرضى في البلاد هم من أصحاب النوع الأول. أما النوعين الثاني والثالث فهما يشملان جهاز الأعصاب المركزي، الامر الذي يمكن أن يتسبب في تحرك العين حركة غير طبيعية وتصلب العضلات/التشنجات وصعوبات في البلع ولذلك يعتبران أصعب، لكنهما أكثر ندرة وتقريباً لا نجد مرضى مع هذين النوعين في بلادنا. هناك أيضاً نوع أكثر ندرة، اسمه 3C، وهو نوع يشمل ايضا إصابة في الجهاز العصبي لكن غالبية المرض هي عبارة عن تكلسات صعبة في القلب، ما يميز هذا النوع أيضاً أن أغلبية المرضى فيه هم من العرب، ليس بالضرورة من سكان البلاد.  

 

 

من أي جيل يمكن أن يظهر المرض؟

نظرًا لأنه مرض وراثي، فمن الممكن تشخيصه في أي عمر، حيث يتم تشخيص 50% من المرضى قبل سن 20 عامًا و50% في أعمار لاحقة. كما يعتمد التشخيص بشكل كبير على الأعراض، فكلما كانت شدة المرض أكبر (تراكم أكبر) تظهر الأعراض في سن صغيرة وبالتالي تبدأ الفحوصات للتشخيص أبكر، وهناك من تكون نسبة تراكم المرض أبطأ وبالتالي يمكن أن يستغرق الأمر سنوات حتى تظهر العلامات المختلفة لبدء عمل الفحوصات مع الأطباء المختلفين والوصول إلى التشخيص الصحيح.  

 

 

من الأشخاص الموجودون بدائرة الخطر للإصابة بالمرض؟

وفقا لتقديرات الخبراء، فإن مرض غوشيه شائع نسبيا بين السكان العرب وبين اليهود الأشكناز. مرض غوشيه حسب تعريفه هو مرض نادر، توزيعه بين السكان عالمياً هو أقل من مريض واحد من بين كل 2000 شخص، أما في البلاد فهو أكثر شيوعاً، حيث هناك مريض واحد لكل 800، ومع ذلك فهو لا يزال يتصرف كمرض نادر حيث لا يفكر الأطباء فيه كإمكانية أولى. عندما يأتي طفل أو شخص بالغ بالأعراض التي ذكرناها سابقًا، فإنه في أغلب الأحيان لا يفكر به، بل في أمراض أخرى ويستغرق الأمر سنوات عديدة للوصول إلى التشخيص الصحيح.    

 

 

كيف يتم تشخيص المرض؟

من الممكن أن يتم التشخيص في وحدة غوشيه، على سبيل المثال في مستشفى شعاري تسيديك حيث أعمل، ويتم ذلك عن طريق فحص دم بسيط واستشارة وراثية عندما يكون هناك خوف من وجود المرض. مع توجيه مناسب من طبيب العائلة يمكن لكل شخص عمل فحص بسيط وسريع والحصول على تشخيص أكيد. من المهم معرفة نوع الخلل الوراثي، لأن هنالك علاقة بين أنواع الخلل/الطفرة الوراثية وبين شدة المرض وأعراضه، وهذا له آثار على الاستشارة الوراثية.  

 

 

ما علاقة مرض غوشيه مع المجتمع العربي؟

مع أنه معروف بأن مرض غوشيه هو مرض يخص اليهود أشكناز، ولكنه مرض غير متعلق بالعرق وخطر إصابة العربي بالمرض هو كخطر إصابة اليهودي، وذلك بسبب زواج الأقارب المنتشر في المجتمع العربي، والسبب الثاني لكونه منتشراً لدى العرب هو القرب الجغرافي لليهود. وفقًا لتقديرات الخبراء العرب هم المجموعة الثانية الأكثر عدداً بعد اليهود الأشكناز. لذا، ونظرًا للنسبة الكبيرة من المرضى العرب المصابين بمرض غوشيه، فإن هناك أهمية قصوى لرفع الوعي عن مرض غوشيه!  

 

 

هل هناك منطقة معينة فيها عدد مرضى أكثر من غيره؟

يمكن القول بشكل قاطع، أنه حيث يوجد عدد أكبر من زواج الأقارب، هناك المزيد من مرضى غوشيه. هناك قرى في البلاد، إذا عدنا الى أصولها تاريخياً، وفحصنا ثمانية أجيال الى الوراء، يمكننا معرفة أن أصل القرية هي عائلتين تزوجوا من بعضهم البعض، لذلك يوجد في تلك القرية العديد من مرضى غوشيه. وبما أن هذا المرض وراثي، فإن فرصة الإصابة بالمرض تزيد كلما زاد عدد حالات زواج الأقارب.  

 

 

بما أننا نتحدث عن مرض شائع وتيرته عالية، فلماذا يكون الوعي به منخفضًا إلى هذا الحد ولماذا يستغرق تشخيصه سنوات عديدة؟

كما ذكرنا سابقاً، فإن أعراض المرض متنوعة وتختلف كثيراً من مريض إلى آخر، فقد يشير كل عارض في حد ذاته إلى عشرات الأمراض المختلفة، لذلك لا يتم التفكير بالأمراض الخطيرة والوراثية كإمكانية أولى دون أن يكون شك كبير في حدوثها. لا يستطيع أطباء العائلة تشخيص مرض غوشيه، ولغرض التشخيص المؤكد يجب إجراء فحص الدم الذي ذكرناه. ولكن بسبب أعراضه الخادعة وتراكمه البطيء والمستمر، فضلا عن كونه مرض نادر نسبيًا، فإن الشك بوجود المرض عادة لا يتبادر الى ذهن الطبيب أثناء الفحص، وبالتالي المرضى قد يتنقلون لسنوات عديدة بين أطباء مختلفين، ويخضعون لفحوصات وعلاجات غير ضرورية دون أن يدركوا أن مرضهم له اسم وتشخيص، ومع العلاج المناسب والدقيق قد يعودون إلى نمط حياة عادي ويستمرون في العيش جنبًا إلى جنب مع المرض لسنوات عديدة. مع نوعية حياة أفضل.  

 

 

هل هناك علاج للمرض؟

العلاج هو بسيط – كما ذكر سابقاً، في الجسم هناك نقص بإنزيم (بروتين) لذلك نحن نهتم بالتعويض عنه. للأولاد والكبار هنالك اليوم علاج إنزيمي يمكن الحصول عليه عن طريق الوريد مرة كل أسبوعين، في البيت أو بالعيادة، ويمكن للمرأة الحامل الحصول عليه. ويمكن تخفيض نسب السكر الدهني عن طريق حبوب يتم تناولها مرة أو مرتين باليوم، شكل العلاج يكون بحسب جيل المريض والتوصيات التي يحصل عليها من الأطباء المختصين بمرض غوشيه.  

 

 

نصيحة أخيرة للمجتمع؟

في حالة أنكم واجهتم الأعراض المذكورة أعلاه لدى أقاربكم أو أفراد عائلتكم - فهذا هو الوقت المناسب للاهتمام بصحتكم، وتحديد موعد مع طبيب العائلة والحصول منه على توجيه لتشخيص المرض. مرض غوشيه في نهاية الأمر هو مرض نادر إلى حد ما، لكنه أكثر شيوعًا بكثير مما نعتقد، والقدرة على التشخيص المبكر من شأنها تقليل المعاناة والسماح بالعلاج الفعال والآمن. يمكن أن تساعد العلاجات المختلفة المتاحة اليوم في علاج العديد من الأعراض الرئيسية ومساعدة المريض على العيش حياة أكثر صحة.

heightقد يهمك ايضا