اغلاق
اغلاق

هل تنجح اساليب التخويف بتخفيض نسب المدخنين!

Wazcam, تم النشر 2025/04/27 15:23

من بين كل الجبهات التي تديرها إسرائيل حالياً، هناك جبهة تتلقى اهتماماً أقل مما تستحق: الحرب ضد التدخين. هذه الحرب ليست على جودة الحياة فحسب، بل هي صراع لاجتناب خسارة الأرواح البشرية.

للأسف، نُمنى بالهزيمة في هذه الجبهة. بينما تحقق العديد من دول العالم تقدمًا ملموسًا في تقليل معدلات التدخين من خلال استراتيجيات واسعة النطاق، لا يزال الصراع في إسرائيل يراوح مكانه. وفقًا لتقرير سنوي من وزارة الصحة، لم تتغير نسبة المدخنين في إسرائيل منذ سنوات، مما يعني أن العدد الفعلي للمدخنين قد ازداد مع نمو السكان.

في مارس الماضي، أصدرت وزارة الصحة مرسزما جديدًا يتطلب طباعة تحذيرات رسمية عن الأمراض المرتبطة بالتدخين على عبوات التبغ. لأول مرة، ستشمل علب السجائر في إسرائيل صوراً مروعة لآثار التدخين إلى جانب التحذيرات النصية.

توقيت هذه الخطوة يثير القلق. في ظل حالة التوتر العام في الدولة، ويعاني جزء كبير من السكان من القلق، الاكتئاب أو اضطراب ما بعد الصدمة. تشير عدة دراسات إلى أن الجمهور خلال هذه الفترات يكون أقل قدرة على استيعاب رسائل الخوف أو الضغط. في الواقع، يمكن أن تؤدي الرسائل التهديدية إلى زيادة الضيق العاطفي وتوجيه البعض نحو التدخين كوسيلة لمواجهة التوتر.

شهدنا ظاهرة مشابهة بعد أحداث 11 سبتمبر في الولايات المتحدة وغيرها من الأزمات الكبرى، حيث زادت مؤقتاً معدلات التدخين. في حالة ذهنية هشة كهذه التي يعيشها المجتمع الإسرائيلي، تقديم صور رسومية للأمراض يمكن أن يُلحق ضررًا أكثر من إفادة.

التاريخ يُعلمنا أن الحظر وحده لا يجلب التغيير. يمكن تذكر تجارب الحملات الأمريكية أو حالة الكحول خلال فترة الحظر.

من الناحية النفسية، لا يتأثر الناس بهذه الصور بشكل كبير. لا يروها في محيطهم ولا يعتقدون أنها قد تحدث لهم. غالبًا يتم تجاهل الصور، لأن الجميع يميل إلى حجب المعلومات المزعجة. وفي بعض الحالات، قد تثير الصور المزيد من التوتر والخوف والغضب.

الرغبة الحقيقة للتغيير تكون داخليّة. للإقلاع عن التدخين، يجب أن يشعر الفرد بالقوة والإيجابية والرضا عن حياته وذاته. مثل هؤلاء لن يضحي بصحته ومستقبله للسجائر. ولكن بالنظر إلى وضع مجتمعنا اليوم، وخاصة بعد ما شهدناه في العامين الماضيين، نحن في حالة من الصدمة النفسية المستمرة التي لا تعزز القوة الداخلية المطلوبة للتخلي عن العادات المضرة.

إذا أردنا تقليل معدلات التدخين في إسرائيل فعلاً، ينبغي لوزارة الصحة التركيز على توفير الدعم النفسي للجمهور. نجحت دول أخرى في مكافحة التدخين بفضل الأساليب الأخرى مثل الدعم النفسي وتطوير بدائل أقل ضررًا للسجائر وغيرها. ولكن في إسرائيل، لا تزال الطرق القديمة والعقيمة هي المتبعة.

كطبيب نفسي، أؤكد أن العلاج النفسي يفيد الراغبين في الإقلاع عن التدخين بشرط وجود رغبة قوية لديهم للمساعدة. بدون دافع شخصي، لا يمكن للمعالج فعل أي شيء. لذا يجب أن تُوجه الجهود نحو خلق بيئة تعزز الدافع الداخلي والشعور بالذات.

على نطاق أوسع، إذا أرادت السلطات تعزيز نمط حياة صحي للمجتمع، يجب عليهم التركيز على دورهم الأساسي: حماية المواطنين، وضمان الأمن العام والاستقرار الاجتماعي، وتوفير شعور بالأمان حول المستقبل، ووقف الارتفاع المستمر في الأسعار الذي يسبب القلق واليأس الكبير للسكان.

عندما يشعر الناس بالرضا يبحثون عن حياة أفضل وأطول. لكن عندما نشعر ان الحياة كابوس سيبحث الكثيرون على طرق للهروب مثل الكحول أو التدخين أو المخدرات. في مثل هذه الظروف، ما هي الحملات ضد التدخين التي يمكن أن نتحدث عنها؟

حان الوقت لتغيير النهج الحقيقي في مكافحة التدخين في إسرائيل. بدلاً من استثمار المزيد من الموارد في التكتيكات المخيفة، يجب التركيز على الحلول التي أثبتت نجاحها في دول أخرى: الدعم النفسي، تطوير بدائل أقل ضررًا وتحسين الحالة النفسية للجميع. عندها فقط سنتمكن من تقليل معدلات التدخين في إسرائيل وإنقاذ الأرواح.

بقلم د. يلينا جولتسمان

vital_signs قد يهمك ايضا